كان وسيما وخجولا وعلى جانب كبير من الثقافة والمعرفة , دوما يجلس على
مقعد خشبي في أحد الحدائق العمومية, وذات يوم خريفي كانت أشعة الشمس تداعب
بشرته,أغلق عينيه برهة ثم فتحهما , وإذ به يبصر فتاة جالسة على مقعد مماثل
تقرأ كتابا باهتمام بالغ . . .
جميل هذا المخلوق المثقف . . .وأجمل ما فيه هذه الوداعة المفرطة . . . رفعت
رأسها ورمقته بنظرة و كأنها قرأت حواره الداخلي ثم عادت من جديد لتنهمك في
القراءة
أما صاحبنا فقد أغمض عينيه مجددا ليستمتع بدفء أشعة الشمس الخريفيةبرهة ,
وعندما فتح عينيه شاهد الفتاة تغاد المكان . . . ولكن . . .نسيت حقيبتها
اليدوية ذات اللون البنفسجي ,إلتقط الحقيبة وأسرع وراءها ليقدمها لها وهو
مضطربا متلعثما "آنستي لقدنسيت حقيبتك" فشكرته بابتسامة وضاءة ثم إنصرفت.
بقي الشاب متسمرا في مكانه بضعا من الوقت ثم انصرف
كان اليوم التالي كعادته يجلس غلى نفس المكان
وإذا الفتاة في نفس المكان تقرأكتابها " ياإلهي هل يعقل هذا ؟ أهي مصادفة ؟ . . .؟
لا . . . لا إن هناك شيء متعمد سأراقب ماذا سيحدث ؟
مضى الوقت ثقيلا كانت الفتاة خلاله تقلب أوراق الكتاب دون ان ترفع رأسها ولو مرة واحدة .ولاحظ بإمعان أنها كانت تلبس قفازا رفيعا
ونهضت مرة أخرى ناسية حقيبتها وأسرع بدوره ليقدما لها مرة أخري :
ـ " آنستي لقد نسيت حقيبتك قالها " بنبرة واثقة فيها شيئا من الرجاء
ـ آه شكرا جزيلا .قالت ذلك ورمقته بعينيها الجميلتين
ـ إن ماتقرئينه لابد أن يكون ممتعا إلى حد أنه ينسيك حقيبتك مرتين متتابعتين ؟
ـ إنها قصة بوليسية ل "موريس لوبلان"فأنا مدمنة على هذا النوع من القصص
ـ وراح بدوره يسرد بعض العناوين التي قرأها في السابق .
ـ إلتفتت إليه مبتسمة وقالت له دعنا من هذا . . .فإلى الغدثم إبتعدت بخطوات سريعة.
في الغد كانا على موعد الامس . . . الشاب كان في صدره شيئ يختلج شعور وهاج أوقده جمال هذه الفتاة
كانت تقرأ وهو بجانبها يتأملها بكل إحساسه. . .
طوت الكتاب ووضعته في الحقبة
ـ إن هذا القفاز جميل ولكن الاجمل من ذلك اليد التي بداخله .فهلا نزعته ؟
ـ لا غير ممكن
ـ هل يدك غير جميلة ؟
ـ يدي بها ست أصابع
ـ لاعليك دعيني أرى ذلك
ـ دع عنك ذلك سوف تندم إن فعلت .
ـ إني مصر على ذلك . . . أرجوك
و
و
و نزعت القفاز . . .
تسمر في مكانه ثم أغمي عليه
لقد لمح خاتم الخطوبة في إصبعها