المدير العام
البلد : المزاج : المهنه : هوايه : عدد الرسائل : 2340 نقاط : 11093
| موضوع: سواق الاتوبيس الثلاثاء 20 أبريل 2010 - 15:37 | |
| ( صوت صراخ العجلات لاحتكاكها بالإسفلت أيقظنا مذعورين ، مالت أجسامنا للأمام على إثر إمساك السائق بالكوابح ، توقفت الحافلة فجأة ، تخبط الواقفون ببعضهم البعض ، اصطدمت رؤوس الجالسين بمساند المقاعد أمامهم ، تساؤلات بدأت تتعالى هنا و هناك ) ـ حصل إيه ؟ ـ فيه إيه ؟ ـ استر يا رب ..... ـ خير اللهم اجعله خير ؟ ( أتانا صوت الكمساري الواقف بجوار السائق ) ـ معلش يا جدعان ، السواق تعبان شوية . ( بدأ القلق يسيطر على الجميع ، أخذ البعض يتساءل ساخطا ) ـ و مصالحنا و أشغالنا يا جماعة ؟ ـ ده أنا متأخرة على العيال و الله . ( وقف الشاب الذي كان يجلس بجوار السائق ) ـ إيه يا جماعة ؟ أبويا تعبان و مش قادر يكمل ، يعني الراجل يموت نفسه عشان ترتاحم ؟ ( يصرخ الكمساري ) ـ حد يجي يشيل معانا عشان نمدده ورا . ( ابن السائق و الكمساري و بعض الركاب يحملون السائق إلى مؤخرة الحافلة ) ـ وسعوا شوية عشان الراجل يقدر ياخد نفسه . ـ مية ، شوية مية الله يخليكم ، حد معاه كالونيا ؟ ـ الراجل شكله تعبان مش ها يقدر يكمل . ـ طب و العمل إيه دلوقتي ؟ ـ ما تشوفوا لنا سواق تاني . ـ ما تسوق انته يا عم الحاج . ( عندها أجاب الكمساري ) ـ هي فتة و إلا فتة ؟ هو أي حد يسوق فيها و خلاص ؟ ـ طب و العمل إيه دلوقتي ؟ ( ينادي الكمساري على ابن السائق ) ـ قوم يا كمال سوق بينا . ـ كمال مين لا مؤاخذة ؟ ـ كمال ابن السواق هو اللي ها يسوق ، ده سواق أبا عن جد ، و بقى له مدة بيتدرب مع أبوه ع السواقة . ( عندها قام أحد الرجال معترضا ) ـ كمال مين يا أبو كمال ؟ لا طبعا ، ها تتعلموا الحلاقة في روس اليتامى ؟ ( صرخت فيهم ) ـ فيه إيه يا جماعة ؟ كل دكتور عاوز يخلي ابنه دكتور بالعافية ، و كل حلاق عاوز ابنه يبقى حلاق ، حتى لعيب الكورة عاوز ابنه يبقى لعيب كورة ، و السواق كمان عاوز ابنه سواق ؟ ـ و هو حرام و إلا إيه ؟ ما أنا ترزي و ابني ترزي . ـ لا طبعا مش حرام ، بس المفروض إنك تعلم أكتر من واحد ، مش بس ابنك و بعد كده تخلي الناس بقى هي اللي تقرر إن كان ابنك ترزي شاطر و إلا فيه اللي أحسن منه . ( صرخ أحد الرجال ) ـ ده شكله عمره ما ساق موتوسيكل حتى ، تلاتة بالله العظيم ما يسوق بينا أبدا طول ما إحنا في الاتوبيس ده . ( حاول الكمساري الدفاع عن وجهة نظره ) ـ يا جماعة ، و الله ده سواق ميكروباس قد الدنيا ، يلا يا كمال .... ( يذهب كمال إلى مقدمة الحافلة ، يقف أحد الرجال معترضا طريقه ) ـ هي تركة و بتقسموها ؟ عليا النعمة ما هو سايق ... ( يصرخ الكمساري ) ـ طب عليا الطلاق بالتلاتة ما حد ها يسوق غيره ، تعالى يا كمال .. ( يسحب كمال من يده ، يقفز أحد المعترضين و ينزع المفاتيح من مكانها ) ـ طب طلاق على طلاقك ما هو سايق ، الميكروباس حاجة و الأتوبيس حاجة تانية خالص . ( تصرخ إحدى النساء ) ـ ما يسوق يا جماعة ، أكيد هو أكتر واحد فينا بيعرف يسوق ، المهم إننا نوصل بالسلامة . ـ و مين قالك إن شاء الله إننا ها نوصل كده بالسلامة ؟ ـ لا طبعا ما يسوقش ، هو العمر بعزقة و إلا بعزقة ؟ ( ساد الهرج و المرج ، انقسمت الجموع إلى فرقتين ، عزف الفريقان كونشترو من السب العلني ، تطور العزف إلى تشابك بالأيدي ، تسلل الشجار إلى خارج الحافلة ، نزلت أحاول فض النزاع ) ـ يا جماعة صلوا ع النبي ، بلاش كده ، حرام عليكم ، خليك انته الكبير يا عم الحاج .. ـ ما تشوف ابن ستين في سبعين ده بيقول إيه ... ـ ستين في سبعين يا ابن تمانيين في تسعين ؟ .... ( عندها تقدم أحد الرجال ) ـ خلاص يا عم الحاج ، خلاص يا أستاذ ، أنا ممكن أسوق الأتوبيس ، أنا أصلا سواق تاكس .... ( عندها قال آخر ) ـ و ما أسوقش أنا ليه ؟ على الأقل ابن عمي سواق أتوبيس ، و أنا اللي كل يوم أركن له الأتوبيس بتاعه في الجراج . ـ تلاتة بالله العظيم ما حد ها يسوق الاتوبيس ده إلا كمال ، يا جماعة افهموا الله يخليكم ، الأتوبيس ده متلصم ، ده المفروض يتكهن من عشر سنين ، ده لولا الأسطى (حسيني) الله يخليه ، هو اللي قعد يرقع فيه من هنا و من هنا لغاية ما خلاه زي ما انتم شايفين كده ، ما حدش في الدنيا دي كلها يعرف البلاوي المستخبية اللي فيه إلا هو و ابنه كمال .... ـ تقولش ها نسوق (الفانتوم) يا خي ؟ ( تصرخ إحدى النساء ) ـ ما تشوفوا لنا حل في الورطة اللي إحنا فيها دي يا ناس حرام عليكم . ( في هذه الأثناء تأتي شاحنة و تتوقف بجوارنا ، ينزل منها السائق يتساءل ) ـ سلام عليكم ... ( يسلم على أحد الرجال ، فيحتضنه الرجل ) ـ الحاج محمد ؟ أخبارك ؟ عامل إيه ؟ انته رجعت إمتى من بلاد بره ؟ ـ أهلا يا عم حسن ، بقى لي شهرين دلوقتي ، أخبارك إيه ؟ خير ؟ إيه اللي موقفكم في الحتة المقطوعة دي ؟ ـ السواق بعافية شوية ، و مش قادر يكمل . ـ طيب ، ما تيجي معايا أوصلك ؟ ـ شكرا ، الله يخليك ، أصل معايا العيال . ـ طيب ، و ها تعملوا إيه ؟ ـ أدينا بندور على حد يسوق الأتوبيس .. ( تقاطعهم إحدى النساء ) ـ ما ينفعش تسوق بينا انته يا أسطى الله يستر عرضك ؟ ( عندها يلتف حوله بعض الركاب ) ـ أيوة الله يخليك ، لو ممكن تسوق بينا و تنجدنا م اللي احنا فيه ده . ـ عشان خاطري يا اسطى ، الواد تعبان ربنا يخلي لك عيالك . ـ أيوة بس أنا .... ( يقاطعه ثالث ) ـ لو على الترلة يا سيدي ، روح اركنها في أي بنزينة ..... ـ أيوة روح يا شيخ الله يعمر بيتك و لا يوقعك في ضيقة ... ( يقاطعهم رابع ) ـ و لو عايز فلوس يا سيدي ها نجمع لك فلوس من بعضينا . ـ مش موضوع فلوس و الله .... أنا بس ... ـ إحنا واقعين في عرضك ربنا يسترك ... ـ حاضر ، حاضر ، طيب بس أروح أركن الشاحنة بتاعتي في أي بنزينة على الطريق و أرجع لكم . ـ روح إلهي يسترك يا شيخ ، بس بسرعة الله يخليك أصل الواد تعبان . ( يذهب السائق يركب شاحنته و ينطلق بها ، ينادي أحد الرجال في الجموع ) ـ خلاص يا جماعة ، اتحلت خلاص ، سواق الترلة وافق و ها يروح يركن في أقرب بنزينة و يرجع يسوق بينا ... ( عندها يصرخ الكمساري ) ـ مين ده اللي ها يسوق ؟ هي سايبة و إلا سايبة ؟ طب ده سواق ترلة ، ماله و مال الأتوبيسات ؟ ـ هو انته عاوز تعطلنا و خلاص ؟ ـ طب لو راجل من ظهر راجل خليه بس كده يلمس الأتوبيس ، تلاتة بالله العظيم قاتل يا مقتول النهاردة . ـ هو أنت يا ابن السواق هو اللي يسوق بينا يا بلاش . ـ على الأقل ابن السواق عارف الأتوبيس ده و حافظه مسمار مسمار و ترس ترس . ـ لأ بقى ، لو جيت للحق بقى الراجل ده كان أكبر سواق في بلاد بره ، ده غير المعارف اللي ليه في كل حته ، يعني لا قدر الله لو حصل للأتوبيس أيتها حاجة ممكن يتصرف . ـ تلاتة بالله العظيم ما حد ها يسوق إلا كمال . ـ طب يمين على يمينك ما حد سايق إلا الحاج محمد . ـ طب ابقى وريني كده الحاج محمد بتاعك ده ها يسوق إزاي . ـ و انته ابقى وريني ها تاخد المفاتيح مني إزاي ؟ ـ هات المفاتيح أحسن لك . ( يحاول الكمساري التهجم على الرجل ، إلا أن بعض الرجال يمسكون بالكمساري و يقيدونه بالحبال ، عندها يحاول كمال التدخل ، عندها يصرخ أحد الرجال ) ـ كتفوه هو كمان ابن السواق ده ... ( يقيدون كمال أيضا بالحبال ، يمددونه بجوار الكمساري ، ما هي إلا لحظات حتى تتوقف أحد السيارات الآتية من الاتجاه المعاكس ، ينزل منها سائق الشاحنة ، يصعد إلى مقعد السائق ، يصيح بالجموع ) ـ يلا بينا . ـ يلا يا جدعان ، كله يطلع الأتوبيس . ( يصعد الركاب إلى الحافلة ، صرخت فيهم ) ـ طب و الكمساري و كمال ؟ ـ ها نخليهم هنا ، هيه ، ها تيجي معانا و إلا تخليك معاهم ؟ ـ أيوة بس حرام نسيبهم كده ... ( صرخ أحدهم ) ـ سيبك منه و اطلع يا اسطى ، ده شكله معاهم ... ( لم أجد فائدة من البقاء بجوارهم ، على الأقل حتى أستطيع إرسال من ينقذهم ، صعدت إلى الحافلة ، صرخت إحدى النساء ) ـ الله يخليك يا أسطى نفسي أقعد شوية بالواد التعبان ده . ( يقف السائق يأمر الجالسين ) ـ الجماعة اللي قاعدين يقفوا و يخلوا الواقفين يقعدوا . ( يتذمر الجالسون بينما يهلل الواقفون ) ـ يا إما تلاتة بالله العظيم ما أنا سايق . ( يتوسط أحد الواقفين ) ـ خلينا نريح بعض بس شوية يا جماعة . ( يقف بعض الجالسين و يجلس بعض الواقفين ، عندها تتحرك الحافلة ، أما أنا فوقفت أعلق عيني على الكمساري و كمال اللذان تمددا على الأرض لا يستطيعان الحراك ، ما هي إلا لحظات حتى شق الصمت صوت احتكاك العجلات بالإسفلت ، اهتزت عجلة القيادة بشدة في يد الحاج محمد ، تمايلت الحافلة يمينا و يسارا و خرجت عن الطريق ، صراخ و عويل هنا و هناك ، حاولت الإمساك بأي شيء تطوله يداي ، انقلبنا رأسا على عقب ، دقة قوية دقت رأسي ، سالت الدماء على وجهي ، أفقت على ألم فظيع يسيطر على جسدي ، تأوهات الرجال تختلط بصرخات النساء و الأطفال من حولي ، تحرش بسمعي صوت شماتة إحدى المغنيات يأتي من خلال سماعات الحافلة ) ـ الصراحة راحة يا سيدي و انته ما بتعرفش .
| |
|
الملك الهامس
البلد : المزاج : المهنه : هوايه : [table style="WIDTH: 96px; HEIGHT: 86px" border=1][tr][td][/td][/tr][/table] عدد الرسائل : 902 نقاط : 6290
| |